الصحة

داء الشيغيلات: فهم شامل للزحار العصوي والأسباب والمضاعفات والوقاية

ماهو داء الشيغيلات؟

داء الشيغيلات، المعروف أيضًا بـ الزحار العصوي، هو عدوى بكتيرية حادة تُصيب الأمعاء وتُسببها بكتيريا الشيغيلا. تُعد هذه العدوى تحديًا صحيًا عالميًا، خاصة في المناطق ذات الظروف الصحية السيئة.

ما هي بكتيريا الشيغيلا؟

تُصنف بكتيريا الشيغيلا إلى أربع مجموعات رئيسية، جميعها قادرة على إحداث داء الشيغيلات:

  • المجموعة أ (S. dysenteriae): تعتبر الأكثر شيوعًا في أمريكا الوسطى، وتُعرف بتسببها في عدوى شديدة بشكل خاص، وقد تؤدي إلى تجرثم الدم.
  • المجموعة ب (S. flexneri).
  • المجموعة ج (S. boydii).
  • المجموعة د (S. sonnei).

من هم الأكثر عرضة للإصابة؟

يُعد داء الشيغيلات أكثر شيوعًا بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 1 إلى 4 سنوات. ومع ذلك، يمكن للعدوى أن تنتقل من الأطفال إلى العديد من البالغين. كما ينتشر المرض بشكل شائع في:

  • المجتمعات المحدودة مثل دور رعاية المسنين ومراكز الرعاية النهارية.
  • المناطق ذات الظروف الصحية السيئة.
  • المخيمات.

كيف ينتشر داء الشيغيلات؟

يحدث انتقال العدوى بشكل أساسي عبر الطريق البرازي-الفموي. يمكن أن ينتقل المرض أيضًا من خلال:

  • الاتصال المباشر بالأجسام الملوثة.
  • تناول الطعام أو الماء الملوث.
  • في بعض الأحيان، يمكن أن تكون ذبابة المنزل ناقلًا للمرض.

علامات وأعراض داء الشيغيلات

بعد فترة حضانة تتراوح من 12 ساعة إلى أسبوعين (بمتوسط 3 أيام)، تغزو بكتيريا الشيغيلا الغشاء المخاطي للأمعاء مسببة التهابًا.

اعراض داء الشيغيلات عند الأطفال:

  • حمى عالية، وغالبًا ما تكون مفاجئة.
  • إسهال حاد مصحوب بـ زحير (إجهاد مؤلم عند التبرز).
  • غثيان وتقيؤ.
  • تهيج ونعاس.
  • ألم وتورم في البطن.
  • في غضون أيام قليلة، قد يحتوي البراز على صديد ومخاط ودم من قرحات الأمعاء السطحية.
  • دون علاج، يكون الجفاف وفقدان الوزن سريعين وساحقين.

داء الشيغيلات عند البالغين:

  • ألم بطني متقطع شديد.
  • تهيج مستقيمي وزحير.
  • في حالات العدوى الشديدة، قد يصابون بـ صداع وإنهاك.
  • قد يحتوي البراز على صديد ومخاط ودم.
  • قد تكون الحمى موجودة.

الفحص البدني ونتائج الفحص لداء الشيغيلات

يكشف الفحص البصري عن مريض يعاني من انزعاج شديد، مع علامات جفاف مثل:

  • الأغشية المخاطية الجافة.
  • ضعف توتر الجلد.
  • انخفاض إنتاج البول.

قد يكون الضغط الوريدي المركزي وضغط الدم أقل من الطبيعي، وقد يكون النبض سريعًا وضعيفًا. قد يكشف التسمع عن أصوات أمعاء مفرطة النشاط. قد يكشف الجس عن ألم عند لمس البطن، خاصة فوق الأرباع البطنية، مع تورم مصاحب.

التشخيص المتقدم لداء الشيغيلات

للتشخيص الدقيق لداء الشيغيلات، تُستخدم مجموعة من الاختبارات:

  • الفحص المجهري لعينة براز طازجة: قد يكشف عن مخاط، خلايا دم حمراء، وكريات بيضاء متعددة النوى.
  • التفلور المناعي المباشر مع أضداد محددة: يزيد من وجود الشيغيلا.
  • مزارع البراز: تُعد ضرورية لتأكيد وجود الشيغيلا واستبعاد الأسباب الأخرى للإسهال، مثل عدوى الإشريكية القولونية الممرضة المعوية، أو أمراض سوء الامتصاص، أو الأمراض الأميبية، أو العدوى الفيروسية.
  • اختبارات الدم: يمكن أن تُظهر تعداد الدم الكامل (CBC) ارتفاعًا في كريات الدم البيضاء (Leukocytosis) كعلامة للعدوى. كما أن العدوى الشديدة تزيد من الأجسام المضادة المدمجة للدم.
  • اختبارات الكيمياء الحيوية: قياس مستويات الشوارد (الإلكتروليتات) أمر بالغ الأهمية لتحديد مدى الجفاف واختلال التوازن الكهربائي الناتج عن الإسهال الشديد.
  • التنظير السيني أو المستقيمي: قد يكشف هذا الفحص عن وجود قرحات سطحية مميزة للعدوى في الأمعاء.

المضاعفات المحتملة لداء الشيغيلات

على الرغم من أن داء الشيغيلات غير شائعة، إلا أن المضاعفات قد تكون قاتلة، خاصة لدى الأطفال والذين يعانون من الضعف. تشمل هذه المضاعفات:

  • اختلالات التوازن الكهربائي (خاصة نقص بوتاسيوم الدم) والحماض الأيضي، مما قد يؤدي إلى الصدمة.
  • مضاعفات عصبية: مثل التشنجات (Seizures)، خاصة عند الأطفال الصغار المصابين بالحمى الشديدة.
  • مضاعفات كلوية: مثل متلازمة انحلال الدم اليوريمية (Hemolytic Uremic Syndrome - HUS)، وهي مضاعفة نادرة وخطيرة قد تحدث مع سلالة S. dysenteriae.
  • مضاعفات أخرى أقل شيوعًا: التهاب الملتحمة، التهاب القزحية، التهاب المفاصل التفاعلي (الذي يمكن أن يظهر بعد العدوى)، هبوط المستقيم، العدوى البكتيرية الثانوية، فقدان الدم الحاد من قرحات الغشاء المخاطي، والتهاب الأعصاب السام.
  • حالة الناقل المزمن: في بعض الحالات، قد يبقى الشخص حاملًا للبكتيريا دون ظهور أعراض، مما يزيد من خطر انتشار العدوى.

خيارات العلاج لداء الشيغيلات

يركز علاج داء الشيغيلات على عدة محاور رئيسية لضمان تعافي المريض والحد من انتشار العدوى:

1. تعويض السوائل والشوارد الكهربائية

  • هذا هو الجانب الأهم في العلاج.
  • يتم تعويض السوائل والشوارد عن طريق الترطيب الفموي (Oral Rehydration Therapy - ORT) في الحالات الخفيفة إلى المتوسطة.
  • في الحالات الشديدة أو عند عدم القدرة على الشرب، يتم اللجوء إلى التسريب الوريدي لمحلول الملح العادي بكميات كافية للحفاظ على إنتاج بول يتراوح بين 40 إلى 50 مل/ساعة.

2. النظام الغذائي لمريض داء الشيغيلات

  • يوصى بنظام غذائي منخفض البقايا للمساعدة في تقليل تهيج الأمعاء.
  • يُنصح بتناول الأطعمة سهلة الهضم وتجنب الأطعمة الغنية بالألياف أو التي قد تهيج الجهاز الهضمي.

3. المضادات الحيوية

قد تُستخدم المضادات الحيوية للقضاء على العامل الممرض ومنع المزيد من الانتشار، خاصة في الحالات الشديدة، لدى الأطفال الذين يعانون من فقدان شديد للسوائل والشوارد الكهربائية، أو المرضى الذين يعانون من ضعف المناعة. من المضادات الحيوية الشائعة:

4. تجنب مضادات الإسهال

تُمنع مضادات الإسهال مثل لوبيراميد التي تبطئ حركة الأمعاء، لأنها تؤخر إفراز الشيغيلا عبر البراز وتطيل فترة الحمى والإسهال.

5. إدارة الألم والحمى

يمكن استخدام الأدوية المناسبة لتخفيف الحمى والألم البطني، تحت إشراف طبي.

اعتبارات التمريضية الأساسية

يلعب التمريض دورًا حيويًا في رعاية مرضى داء الشيغيلات ومنع انتشار العدوى:

  • مراقبة الجفاف: قم بإعطاء السوائل عن طريق الوريد حسب الأوامر، مع قياس دقيق للمدخلات والمخرجات (بما في ذلك البراز).
  • جمع العينات: يتطلب التعرف الصحيح على الشيغيلا فحص وزرع عينات براز طازجة. لذلك، قم بتسليم العينات يدويًا مباشرة إلى المختبر. إذا كان هناك اشتباه بداء الشيغيلات، قم بتضمين هذه المعلومات في نموذج المختبر.
  • تخفيف الانزعاج: يمكن استخدام وسادة تدفئة قابلة للتخلص منها لتخفيف الانزعاج البطني، ويجب تحديد مواعيد الرعاية للحفاظ على قوة المريض.

السلامة والوقاية من انتشار داء الشيغيلات

للمساعدة في منع انتشار داء الشيغيلات، يجب اتباع إرشادات سلامة صارمة:

1. النظافة الشخصية

  • حافظ على تقصير أظافر المريض (والخاصة بك) لتجنب احتضان الكائنات الحية.
  • غسل اليدين بالماء والصابون بشكل متكرر، خاصة بعد استخدام المرحاض وقبل إعداد الطعام أو تناوله، هو خط الدفاع الأول.

2. احتياطات التلامس

  • يجب الحفاظ على احتياطات التلامس حتى تؤكد الدراسات البكتريولوجية المجهرية أن عينتي البراز سلبيتين.
  • كما أن احتياطات التلامس ضرورية للمرضى الذين يستخدمون الحفاضات أو الذين يعانون من سلس البول طوال مدة المرض، وللسيطرة على التفشيات المؤسسية.

3. غسل الملابس الملوثة

  • قم بتغيير الملابس الملوثة على الفور، وقم بتخزينها في حاوية عزل.

4. سلامة الغذاء والماء

  • شرب المياه المعبأة أو المغلية في المناطق الموبوءة.
  • طهي الطعام جيدًا وتجنب الأطعمة النيئة أو غير المطبوخة جيدًا.
  • غسل الفواكه والخضروات جيدًا.

5. مكافحة الحشرات

  • يُعد التحكم في الذباب مهمًا، حيث يمكنه نقل العدوى.

6. إدارة التفشيات

  • أثناء تفشي داء الشيغيلات، يجب الحصول على عينات براز من جميع الموظفين الذين قد يكونون مصابين، وإرشاد الموظفين المصابين إلى البقاء بعيدًا عن العمل حتى تكون عينتان من البراز سلبيتين للشيغيلا.

7. اللقاحات

  • يبدو أن لقاحًا تجريبيًا يحتوي على سلالات مخففة من الشيغيلا واعدًا في الوقاية من داء الشيغيلات، وتتواصل الأبحاث في هذا المجال.

8. الإبلاغ عن الحالات

  • قم بالإبلاغ عن حالات داء الشيغيلات إلى قسم الصحة المحلي لضمان تتبع العدوى والسيطرة عليها.

تعليم المريض والعائلة حول داء الشيغيلات

يُعد تعليم المريض والعائلة عن داء الشيغيلات خطوة حاسمة في إدارة المرض والوقاية منه:

  • المعلومات الأساسية: قم بتعليم المريض والعائلة عن المرض، بما في ذلك سببه، الأعراض، الاختبارات التشخيصية، والعلاج.
  • إجراءات الوقاية: وضح إجراءات الوقاية، بما في ذلك تقنية غسل اليدين الصحيحة وممارسات النظافة الأساسية. أكد على ضرورة عزل الملاءات وأي ملابس ملوثة لشخص مصاب.

متى يجب زيارة الطبيب؟

يجب زيارة الطبيب فورًا في حال ظهور أي من الأعراض التالية:

  • علامات الجفاف الشديد (مثل قلة التبول، العيون الغائرة، الخمول الشديد).
  • وجود دم أو صديد في البراز.
  • حمى عالية ومستمرة.
  • ألم شديد في البطن.
  • علامات تدهور الوعي أو التشنجات، خاصة لدى الأطفال.

خاتمة داء الشيغيلات

يُعد داء الشيغيلات عدوى خطيرة تتطلب وعيًا وفهمًا للوقاية منها وعلاجها. من خلال الالتزام بالنظافة الشخصية، سلامة الغذاء والماء، والبحث عن الرعاية الطبية الفورية عند ظهور الأعراض، يمكننا جميعًا المساهمة في الحد من انتشار هذا المرض وحماية صحة مجتمعاتنا.