عندما أتى يحيى بن الحسين (الهادي) إلى اليمن في عام 283 هجرية أقام زواجا كاثوليكيا بين السلطة والمذهب، كان ذلك بالمعنى الدقيق كهنوتا من حيث استخدام الدين والمذهب لخدمة السياسة والحكم، ولذلك فتسمية تلك الحقبة بأنها فترة حكم شمال الشمال أو حكم الهضبة أو حتى حكم الزيود كلها تسميات غير واقعية فالذي تحكم في اليمن هو مذهب الرسي الهادوي وتعاقب عليه عيال البطنين حتى انتهى بحكم أسرة بيت حميد الدين .
عمر ردمانلم يكن يحكم هؤلاء باعتبار أن الحكم حكرا على مناطق الشمال كما يصوره البعض إنما حكموا باعتبار ذلك حقا إلهيا محصورا في الأشخاص والسلالة بعيدا عن القطعة الجغرافية التي ينتمون إليها؛ ولذلك نجد انهم في نفس الوقت الذي كانوا ينظرون إلى أبناء(اليمن السافل) تعز وإب أنهم (رعية) فقد كانوا ينظرون في ذات الوقت إلى أبناء القبائل في صعدة وحجة وعمران وصنعاء وذمار أنهم (عبيد) .
وبناء على ذلك فمن يصف حكم سنوات الكهنوت تلك على أنه حكم شمال الشمال أو حكم الهضبة على بقية اليمن فهو إما لم يقرأ التاريخ جيدا أو أنه ينطلق من خلفيات مناطقية، وفي كلا الحالتين فهو يمارس فرزا اجتماعيا مقيتا من حيث يدري أو من حيث لا يدري.
الكاتب / عمر ردمان