بقلم شيخ الطريقة العمرية عبد الغني العمري الحسني الذي ما زال في حالة اعتصام مفتوح داخل بيته، رفقة أفراد أسرته منذ تاريخ (الاثنين 08 / 12 / 2014) إلى الآن، حفاظا على أنفسهم..
إن الأنظمة العربية التي تعاني من عدم استقرار أمني، أصبح ينذر بالتنامي مع مرور الأيام، تريد أن تعالج الخطاب الديني المتطرف (التكفيري) معالجة أمنية صرفا، رغم ظهور دلائل عديدة على عدم نجاعة هذا المسلك؛ بل إن المعالجة الأمنية الخالصة، لم تزد الأمر إلا استفحالا، بسبب ظهور تلك المعالجة بصورة الحرب على الدين، في أعين العامة والمستَغفَلين.
لم نفتأ نحن نذكّر أن العقائد لا يمكن تقويمها بالعنف الكلامي أو اللفظي أبدا؛ وكل انصياع قد يبدو في الظاهر من أصحاب العقائد المنحرفة، فإنما هو تأجيل للمواجهة فحسب. وكل من يوظف أجهزة الدولة من أصحاب العقائد (وهذا يحدث)، لمحاربة العقائد المخالفة، فإنه يزيد من حدة الأزمة بين الحكومات وبين الشعوب. نعم، قد يفلح ذلك وقتيا في بعض الدول؛ ولكنه سيؤدي إلى صراع أشد، مع الجوار؛ علما بأن الشعوب العربية، هي شعب واحد في الأصل.
ونحن عندما ندعو إلى إعطاء التصوف فرصة لإطفاء نار الفتنة التي بدأت تستعر بين مكونات الأمة، فإننا لا نريد أن نعود بذلك إلى الغيبوبة أو إلى الانسحاب من الواقع الصعب؛ وإنما نريد أن نُعيد إلى التزكية بعض مكانتها لدى الأمة. وإننا نرى جدوى هذه التزكية، من وجهين:
- إن التزكية، تعمل على ضبط تحكم الناس في غرائزهم وانفعالاتهم. فهي بهذه المثابة "فرامل" و"واقيات صدمات"، تعطي الأمة فرصة لمراجعة مواطن الاختلاف لديها، بهدوء وبرودة أعصاب.
- إن العلم الذي يكتسبه المرء مع التزكية، يجعله على بيّنة من المسائل العقدية الخلافية لدى الأمة، بكيفية لا قِبل للعقل وحده بها، عن طريق الدراسة. ومن ثَم يستطيع المرء معرفة مرتبة خصمه والتدرج به إلى محل "نقط الالتقاء" شيئا فشيئا؛ وما أكثرها!..