معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي
المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي
يلقي كلمة في افتتاح أعمال المؤتمر الإقليمي عالي المستوى حول تمويل المشاريعالجديدة في العالم العربي: تسريع التمويل للشركات الناشئة
21 نوفمبر 2017
الصخيرات – المملكة المغربية
بحضور معالي محمد بوسعيد وزير الاقتصاد والمالية بالمملكة المغربية وعدد من كبار المسؤولين والخبراء من الأطر والمؤسسات المالية والإقليمية والدولية، ألقى معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس ادارة صندوق النقد العربي، كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الإقليمي حول تمــويل المشاريــع الجديدة في العالم العربي: تسريع التمويل للشركات الناشئة.
أشار معاليه في الكلمة إلى الاهمية الكبيرة لوصول الشركات الناشئة للتمويل في حالة الدول العربية، مثنياً في هذا الإطار على الجهود والمبادرات التي قامت بها عدداً من الدول العربية في سبيل الارتقاء وتطوير حوافز تشجع المؤسسات المالية والمصرفية على المساهمة في توفير تمويل لدعم رواد الأعمال وتشجيع الابتكارات والشركات الناشئة في المنطقة العربية.
بيَن معاليه في هذا السياق أن دعم قطاع رواد الأعمال والشركات الناشئة يحتاج إلى منظومة كاملة، بدءاً من تفهم وتحسين بيئة العمل لهم، وتطوير التشريعات والبنية التحتية، إلى بناء فرص التمكين من حيث توفر حاضنات الاعمال والخدمات المهنية، وصولاً لدعم الوصول للخدمات المالية والتمويل. منظومة تتشارك فيها السلطات الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاع التعليم، وقطاع التقنيات، والمؤسسات المالية والمصرفية وحتى وسائل الإعلام.
كما نوه معاليه أن هناك فرص كبيرة للمؤسسات المالية والمصرفية في دولنا العربية للاستفادة من الفرص الكامنة في هذا الشأن، ذلك أن خُمس المشروعات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة يتوفر لها خدمات مالية رسمية، وأن نحو 10 في المائة فقط من استثمارات هذه المشروعات يتم تمويلها بقروض وتسهيلات من مؤسسات مالية ومصرفية رسمية. وتصل حصة هذه المشروعات من محفظة القروض لدى المصارف العربية إلى نحو 9.3 في المائة فقط، وفقاً لدراسة حديثة لصندوق النقد العربي. أكد معاليه في هذا الإطار، أن ذلك يتطلب جهوداً لتطوير التشريعات المحفزة من جهة، ومتابعة جهود تطوير البنية التحتية المالية وخاصة نظم المعلومات الائتمانية ونظم الإقراض المضمون من جهة أخرى. كما أنه يتطلب أيضاً المزيد من الاهتمام على صعيد تطوير مؤسسات وصناديق وآليات رأس المال المُخاطر في الدول العربية، الموفرة لفرص التمويل الإبداعية للشركات المبتدئة.
كذلك، أكد معاليه على أن نجاح الجهود في هذا السياق، ترتبط بقيام المؤسسات المصرفية بدورها بتطوير وتقديم خدمات ومنتجات مالية مبتكرة لتمويل الشباب والمشروعات الناشئة ورواد الاعمال وأصحاب الإبداع والابتكار، تنسجم مع احتياجاتهم، مشيراً إلى مسؤوليات السلطات الإشرافية، في توفير التشريعات والبيئة المشجعة لذلك، وهو الأمر الذي تحرص عليه المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية.
أخيراً، تطرق معاليه الى الدور الذي ستلعبه المبادرة الإقليمية لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية التي أطلقها الصندوق مؤخراً بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتنمية والتحالف العالمي للشمول المالي، وبمشاركة البنك الدولي، تحت مظلة مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية.
وفيما يلي النص الكامل للكلمة:
(نص الكلمة)
معالي محمد بوسعيد وزير الاقتصاد والمالية،
أصحاب السعادة،
حضرات السيدات والسادة الحضور،
أسعد الله صباحكم بكل خير،
يسعدنا في صندوق النقد العربي التواجد معكم اليوم في بلدنا العزيز المملكة المغربية بهذا المؤتمر الهام، الذي نتشارك في تنظيمه مع وزارة الاقتصاد والمالية في المملكة المغربية، والوكالة الألمانية للتنمية، والتحالف العالمي للشمول المالي.
أود بدايةً أن أنتهز هذه المناسبة لأتقدم بخالص الشكر والتقدير للمملكة المغربية ملكاً وحكومة وشعباً، على الحرص على استضافة الفعاليات العربية وتوفير كل السبل لنجاحها، وتبني القضايا ذات الأولوية في دعم فرص التنمية الشاملة والمستدامة. كما أتقدم بالشكر الجزيل لمعالي محمد بوسعيد وزير الاقتصاد والمالية على تعاونه وزملاءه في الوزارة وجهودهم في الإعداد لهذا المؤتمر. ولا شك أن استضافة المملكة المغربية للمؤتمر، يجسد الاهتمام الكبير الذي توليه السلطات في بلدنا العزيز المملكة المغربية لدعم الابتكارات وتشجيع رواد الأعمال والشباب وتعزيز الشمول المالي، وأهمية كل ذلك في خلق فرص العمل وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
والشكر موصول كذلك، للزملاء في الوكالة الألمانية للتنمية والتحالف العالمي للشمول المالي، شركاءنا في المبادرة الإقليمية لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية (FIARI)، على جهودهم المقدرة في التعاون والإعداد لهذا المؤتمر، متطلعين للاستفادة من نتائجه وتوصياته. كما نقدم شكرنا لجميع الخبراء والمتحدثين على مشاركتهم ومساهماتهم في هذا المؤتمر.
كما نرحب بالسادة المشاركين من وزارات المالية والاقتصاد والصناعة والمصارف المركزية وهيئات أسواق المال وغرف التجارة والصناعة والهيئات الوطنية المشرفة على قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات المالية والمصرفية من ثلاث عشرة دولة عربية، الذين يؤكدون بحضورهم وتواجدهم معنا اليوم، الأهمية الكبيرة التي توليها دولنا العربية وصانعي السياسات فيها لمواضيع الشمول المالي وتوفير التمويل للمشروعات والشركات الناشئة، كمحور مهم من محاور التنمية الاقتصادية وتعزيز الرخاء الاجتماعي.
نأمل أن تساهم مناقشات اليوم في زيادة إدراكنا لاحتياجات تطوير التشريعات والسياسات والممارسات التي من شانها أن تساهم في رفد التمويل للشركات الناشئة ودعم الابتكارات خاصة في قطاع التقنيات، والدور الذي يمكن أن تلعبه السلطات الإشرافية في تطوير آليات التمويل وتشجيع وصول هذه الشركات إلى التمويل والخدمات المالية المناسبة لها.
ولا شك أننا في صندوق النقد العربي والمؤسسات المالية الإقليمية والدولية المشاركة معنا في مبادرة تعزيز الشمول المالي في الدول العربية، حريصون على الاستفادة من مناقشات المؤتمر وتوصياته، للاستفادة منها، في تبني أنشطة وبرامج في إطار المبادرة الإقليمية للمساعدة من تطوير الآليات والسياسات والخدمات لتمويل الابتكارات ودعم الشركات الناشئة، وتشجيع الشباب والأفكار الإبداعية.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
ليس خافياً أن تحديات البطالة ومواجهتها خاصة على صعيد قطاع الشباب، تمثل اليوم التحدي الأهم والأصعب لصانعي السياسات الاقتصادية في دولنا العربية. إذ يصل معدل البطالة على مستوى الشباب في الدول العربية إلى 30 في المائة ونحو 51 في المائة في حالة النساء الشابات، في الوقت الذي تحتاج فيه منطقتنا العربية لخلق عشرات الملايين من فرص العمل خلال السنوات العشر القادمة، فقط للمحافظة على المستويات الحالية من التشغيل، في ظل الطبيعة الفتية للمجتمعات العربية.
إلا أن هذا التحدي، يقابله فرص كبيرة كامنة لمنطقتنا العربية، ربما نُحسد عليها، ذلك أن نصف السكان هم من الشباب دون سن 25، حيث سيمكن تحفيزهم وتشجيع الابتكارات والإبداعات لديهم وتعزيز فرص وصولهم للخدمات المالية، في تحقيق دفعة كبيرة للنمو والازدهار لدول المنطقة. ولعل تحسن انتشار التقنيات الحديثة والخدمات الرقمية المتاحة، سيساعد رواد الأعمال من الشباب إذا توفرت لهم البيئة الحاضنة والتمويل المناسب من دخول قطاع التقنيات الحديثة وما يخلقه ذلك من فرص عمل كبيرة وواعدة.
وبغض النظر عن المحاور العديدة والسياسات والإصلاحات اللازمة لمواجهة تحديات بطالة الشباب على المدى القصير والمتوسط، إلا أنه لا يخفى عليكم الدور المحوري الذي يلعبه دعم رواد الأعمال والشركات الناشئة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة في هذا الشأن. ذلك، أن المشروعات الناشئة لرواد الأعمال، لا تولد فرص لأصحابها فقط، بل تخلق سلسلة من فرص الابتكار وتعزيز المنافسة وتحسين الكفاءة والإنتاجية والمردودية وتوليد فرص عمل أخرى في سلاسل الإنتاج.
يحتاج دعم قطاع رواد الأعمال والشركات الناشئة إلى منظومة كاملة، بدءاً من تفهم وتحسين بيئة العمل لهم، وتطوير التشريعات والبنية التحتية، إلى بناء فرص التمكين من حيث توفر حاضنات الاعمال والخدمات المهنية، وصولاً لدعم الوصول للخدمات المالية والتمويل. منظومة تتشارك فيها السلطات الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاع التعليم، وقطاع التقنيات، والمؤسسات المالية والمصرفية وحتى وسائل الإعلام.
ولعل التمكين المالي، يمثل محوراً مهماً في منظومة دعم رواد الاعمال والشركات الناشئة، ذلك أن العديد من الفرص والابتكارات والابداعات والمواهب التي وراءها، يمكن أن نخسرها إذا لم يتوفر لها التمويل في الوقت المناسبة، وبالآليات المناسبة. في المقابل يمكن ان يساهم الدعم والتمويل في الارتقاء بهذه الابتكارات، لتتحول إلى شركات صغيرة ومتوسطة مولدة للأعمال وفرص العمل.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
يحظى دعم النشاط الريادي والشركات الناشئة، باهتمام وحراك متزايد في دولنا العربية، وهناك حالياً قرابة 180 من البرامج والمبادرات الإقليمية والمحلية الموجهة لقطاع رواد الأعمال، تشمل حاضنات التقنيات، ومنظمات تنمية روح المبادرة، وشبكات وجمعيات مهنية لرواد الأعمال، وبرامج جامعية موجهة لرواد الأعمال. تحظى هذه البرامج والمبادرات بدعم من السلطات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وقطاع الأعمال.
في الوقت نفسه، أقدمت العديد من المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية والسلطات المالية والإشرافية، على تطوير حوافز تشجع المؤسسات المالية والمصرفية على المساهمة في توفير التمويل لقطاع رواد الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
على الرغم من التحسن النسبي في توفير مصادر تمويل لدعم رواد الأعمال وتشجيع الابتكارات والشركات الناشئة في المنطقة العربية، وهناك أمثلة وقصص نجاح عديدة في هذا الشأن كما يستعرضها مؤتمرنا اليوم في هذا الصدد، إلا أنه يجب أن نعترف أن هناك حاجة للمزيد من الجهود لتسريع التمويل لابتكارات الشركات الناشئة واحتضانها. يستلزم ذلك جهوداً من قبل المؤسسات المصرفية وشركات التمويل الأصغر وصناديق القروض والضمانات والبرامج الحكومية الأخرى، إضافة لتطوير آليات وصناديق رأس المال المُخاطر (Venture Capital).
ولا شك أن هناك فرص كبيرة للمؤسسات المالية والمصرفية في دولنا العربية للاستفادة من الفرص الكامنة في هذا الشأن، ذلك أن خُمس المشروعات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة يتوفر لها خدمات مالية رسمية، وأن نحو 10 في المائة فقط من استثمارات هذه المشروعات يتم تمويلها بقروض وتسهيلات من مؤسسات مالية ومصرفية رسمية، وبينت دراسة حديثة لصندوق النقد العربي، أن حصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة من محفظة القروض للمصارف العربية، تبلغ 9.3 في المائة فقط.
يتطلب ذلك جهوداً لتطوير التشريعات المحفزة من جهة، ومتابعة جهود تطوير البنية التحتية المالية وخاصة نظم المعلومات الائتمانية ونظم الإقراض المضمون من جهة أخرى. كما أنه يتطلب أيضاً المزيد من الاهتمام على صعيد تطوير مؤسسات وصناديق وآليات رأس المال المُخاطر في الدول العربية، الموفرة لفرص التمويل الإبداعية للشركات المبتدئة، التي لاتزال في مراحلها الأولى في عدد من دولنا العربية.
من الاحتياجات كذلك، أهمية التوعية والتواصل مع قطاع رواد الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة. وفي دراسة حديثة لأحد المكاتب الاستشارية بيَنت أن الجزء الأعظم من رواد الأعمال في المنطقة العربية غير مطلعين على فرص التمويل المتاحة لهم.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
يسعى صندوق النقد العربي في إطار استراتيجيته للمساهمة في دعم تعزيز الشمول المالي، من خلال عدد من الأنشطة والمحاور. فمن جانب قام الصندوق بإنشاء فريق العمل الإقليمي لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية، الذي ينبثق عن مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية. كما أنشئ الصندوق في العام الماضي، تسهيلاً جديداً يستهدف توفير التمويل لتشجيع بناء البيئة المناسبة لنمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومنها الشركات الناشئة.
من جانب آخر، أطلق الصندوق خلال العام الجاري 2017، المبادرة الإقليمية لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتنمية والتحالف العالمي للشمول المالي، وبمشاركة البنك الدولي، تحت مظلة مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية. تهدف المبادرة إلى الارتقاء بمؤشرات الوصول للتمويل لجميع القطاعات الاقتصادية والفئات الاجتماعية في الدول العربية، خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بما يساهم في دعم فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة.
لا يخفى أن نجاح الجهود في هذا السياق، ترتبط بقيام المؤسسات المصرفية بدورها تطوير وتقديم خدمات ومنتجات مالية مبتكرة لتمويل الشباب والمشروعات الناشئة ورواد الاعمال وأصحاب الإبداع والابتكار، تنسجم مع احتياجاتهم. ولا شك أن هناك مسؤوليات على السلطات الإشرافية، في توفير التشريعات والبيئة المشجعة لذلك، وهو الأمر الذي تحرص عليه المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
نتطلع لنتائج المؤتمر للمساهمة في بلورة برامج واستراتيجيات لدعم المشروعات والشركات الناشئة في دولنا العربية، مقدرين مشاركة هذا العدد من الجهات الرسمية في دولنا العربية ومن الخبراء.
قبل الختام، أود أن أجدد خالص الشكر والامتنان للمملكة المغربية على احتضان المؤتمر، الذي سيكون له الأثر الكبير في تقدم جهود تعزيز الشمول المالي في المنطقة العربية. كما لا يفوتني هنا، أن أتقدم بالشكر والعرفان لدولة مقر صندوق النقد العربي، دولة الامارات العربية المتحدة، على ما تقدمه من تسهيلات كبيرة تساهم بنجاح الصندوق في سعيه لتحقيق أهدافه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،