صندوق النقد العربي يطلق
الإصدار الأول من "تقرير نافذة على طريق الإصلاح: إصلاحات نظام الخدمة المدنية
في الدول العربية"
الإصدار الأول من التقرير يتطرق إلى إصلاحات نظام الخدمة المدنية في الدول العربية ويؤكد أهمية تبني الجيل الثاني من سياسات الإصلاح التي تستهدف الارتقاء بالموارد البشرية لتحسين كفاءة الخدمات الحكومية
في إطار جهود صندوق النقد العربي لدعم متخذي القرار وصناع السياسات الإقتصادية في الدول العربية، ارتأى الصندوق أهمية إصدار تقرير "نافذة على طريق الإصلاح" كتقرير متخصص يتطرق بشكل مفصل وتحليلي لأحد محاور برامج الإصلاحات الاقتصادية التي يجري تنفيذها في البلدان العربية بما يسمح بعرض تجارب تلك الدول في هذا المجال، وماهية السياسات والإجراءات التي يجري تنفيذها، والتحديات القائمة، والدروس المستفادة من واقع برامج الإصلاح المثيلة المنفذة عالمياً.
يستهدف التقرير مساندة جهود الدول الأعضاء في تطبيق سياسات وبرامج الإصلاح الإقتصادي المختلفة التي يجري تطبيقها في مجالات بعينها من بينها إصلاحات نظم الخدمة المدنية، وصناديق التقاعد، وأسواق العمل والمنتجات، وتعزيز التنافسية، واستهداف الفقراء. يأمل صندوق النقد العربي في أن يمثل التقرير إضافةً جديدةً للجهود البحثية التي يقوم بها لخدمة دوله الأعضاء بهدف المساهمة في عملية صنع السياسات ودعم مسيرة البلدان العربية باتجاه تحقيق التقدم الاقتصادي.
وقع اختيار موضوع "إصلاحات نظام الخدمة المدنية" ليكون محور اهتمام التقرير لعام 2018 نظراً لكون إصلاح نظام الخدمة المدنية يُعد واحداً من أهم عناصر إصلاحات المالية العامة في العديد من الدول على اختلاف مستويات تقدمها الاقتصادي. تأتي أهمية إصلاحات نظم الخدمة المدنية على ضوء توسع هذه الأنظمة في بعض البلدان وما نتج عنه من ضغوطات على أوضاع الموازنات العامة نتيجة ارتفاع كلفة بند الأجور الحكومية إلى ما يشكل نحو 20 في المائة في المتوسط من إجمالي الإنفاق العام على مستوى العالم، فيما ترتفع هذه النسبة لتصل إلى 27 في المائة على مستوى الدول النامية واقتصادات الأسواق الناشئة. تتفاوت هذه النسبة من دولة إلى أخرى بما يعكس حجم القطاع العام في كل دولة ومستوى التنمية الاقتصادية وقيود الموارد المالية المتاحة.
أشار التقرير إلى أن جوهر إصلاحات نظام الخدمة المدنية يتمثل في ضمان تقديم الخدمات الحكومية بالكفاءة اللازمة وفي إطار يضمن الاستدامة المالية. لذلك تتطرق إصلاحات نظم الخدمة المدنية إلى عدد من الجوانب من بينها ترشيد واحتواء الزيادة في كلفة بند الأجور في الموازنة العامة للدولة، وإخضاع نظم الخدمة المدنية لعدد من المعايير الكفيلة بتعزيز مستويات المسائلة والشفافية، وتحسين معدلات الانتاجية، وتنفيذ إصلاحات تستهدف تنمية قدرات العاملين في هذا القطاع لرفع مستوى كفاءة الخدمات الحكومية المٌقدمة، وإخضاع التعيين والترقي في هذا القطاع لمعايير تضمن الجدارة والاستحقاق والتنافسية.
أوضح التقرير تزايد الاهتمام بإصلاحات نظم الخدمة المدنية في الدول النامية خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي على خلفية التوسع المٌفرط في هذه النظم وتصاعد تكلفة الأجور الحكومية. بناء عليه، نفذت تلك الدول إصلاحات لنظم الخدمة المدنية لم تستهدف فقط احتواء فاتورة الأجور الحكومية والتغلب على الاختلالات المالية التي واجهت الموازنات العامة، وإنما استهدفت أيضاً تحقيق قدراً أكبر من المسائلة فيما يتعلق بالأداء الحكومي وتطوير مستوى الخدمات الحكومية كماً وكيفاً.
بين التقرير أنه على الرغم من أن مبادرات الحكومات العربية لإصلاح نظم الخدمة المدنية مستمرة منذ سنوات طويلة، إلا أن هذه المبادرات والجهود قد شهدت تسارعاً ملحوظاً واهتماماً كبيراً في السنوات الأخيرة وذلك على ضوء التحديات التي واجهت الدول العربية خلال تلك الفترة على اختلاف هياكلها الاقتصادية والتي استلزمت مُضي العديد من الدول العربية قدماً في تنفيذ إصلاحات للمالية العامة تستهدف تحقيق الانضباط المالي والاستدامة المالية. في هذا السياق، اتجهت البلدان العربية خلال السنوات الأخيرة إلى تنفيذ برامج واسعة لإصلاحات نظم الخدمة المدنية تستهدف:
- ترشيد حجم نظم الخدمة المدنية، لا سيما في أعقاب التوسع الكبير الذي شهدته تلك النظم سواء من حيث تنوع المؤسسات الحكومية التي تشتمل عليها أو الزيادة المضطردة في أعداد العاملين بها لا سيما في أعقاب عام 2011 حيث سجل عدد العاملين في القطاع زيادة تفوق 15 في المائة في عدد من البلدان العربية.
- احتواء الزيادة في بند أجور العاملين في نظام الخدمة المدنية، في ظل استئثار بند الأجور الحكومية بما يفوق خُمس الانفاق العام في ست عشرة دولة عربية، والارتفاع الملموس لكلفة الأجور الحكومية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في خمس عشرة دولة عربية إلى ما يفوق المتوسط المُسجل على مستوى الدول النامية والاقتصادات الناشئة البالغ 6 في المائة.
- الارتقاء بنوعية الخدمات الحكومية، حيث لم يُصاحب الزيادة المضطردة في حجم نظم الخدمة المدنية التي باتت توظف نسبة تفوق 20 في المائة من إجمالي العمالة في عدد من الدول العربية تحسناً موازياً في مستوى الخدمات الحكومية المٌقدمة للمواطنين ذلك بخلاف الوضع في دول أخرى مثل سنغافورة وسويسرا والدنمارك والنرويج التي تحتل المراتب الأربع الأولى على مستوى العالم في مؤشر فعالية الحكومة حيث يشكل عدد العاملين في نظم الخدمة المدنية بها نسب تتراوح بين 13.8 في المائة و38 في المائة من إجمالي العمالة في هذه الدول.
- تعدد التحديات التي تواجه الإرادة السياسية إضافة إلى أهمية بذل الاهتمام الكافي بسياسات إصلاح نظم الخدمة المدنية.
- تاتي محاولات الإصلاح في وقت تتسم فيه أنظمة الخدمة المدنية بالترهل واتساع كلفة أجور العاملين بها وتراجع انتاجيتهم وانخفاض الحافز لتحسين الأداء.
- محاولة نقل الهياكل والممارسات التنظيمية المرتبطة بسياسات الإصلاح من دولة إلى أخرى دون مراعاة اختلاف السياق العام واختلاف طبيعة نظم الخدمة المدنية.
- التركيز المٌفرط لبرامج الإصلاح على تقليص العمالة وخفض تكلفة الأجور.
- عدم دمج أنشطة الإصلاح في إطار أوسع للسياسات وبرامج الإصلاح الاقتصادي ومن أهمها إصلاحات دعم الدور الاقتصادي للقطاع الخاص وتطوير التعليم بما يساهم في الارتقاء بمستوى موظفي نظم الخدمة المدنية.
- التأثيرالقوي لجماعات الضغط وأصحاب المصالح من بقاء النظم الحالية.
- الدعم المستمر من السياسيين رفيعي المستوى.
- توفر مستوى عال من الكفاءات في الجهاز الإداري الحكومي.
- الاستقلالية عن جماعات الضغط وأصحاب المصالح.
- النهج التدريجي للإصلاح والبناء على النجاح التراكمي للإصلاحات.
- خلق تجارب رائدة تتعلق بزيادة فعالية نظم الخدمة المدنية لتكون بمثابة دافعاً للإصلاح الشامل.